الأربعاء، 30 نوفمبر 2016

مناقب مصعب بن عمير رضي الله عنه





مناقب مصعب بن عمير رضي الله عنه


هو رضي الله عنه مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب العبدري
سبق مصعب بن عمير للإسلام والهجرة
أوَّلُ من قدِمَ علينا من أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ وابنُ أمِّ مَكْتُومٍ ، فَجَعَلا يُقْرِئَانِنَا القرآنَ ، ثم جاءَ عمارٌ وبلالٌ وسعدٌ ، ثم جاءَ عمرُ بنُ الخطابِ في عشرينَ ، ثم جاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، فمَا رأيتُ أهلَ المدينةِ فرِحُوا بشيءٍ فرحَهُمْ بهِ ، حتى رأيتُ الولائِدَ والصبيانَ يقولونَ : هذا رسولُ اللهِ قدْ جاءَ ، فمَا جاءَ حتى قرأتُ : { سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى } . في سورٍ مثلِهَا .
الراوي:البراء بن عازب المحدث:البخاري -المصدر:صحيح البخاري- الصفحة 
خلاصة حكم المحدث: صحيح



إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير على يدي مصعب
رضي الله عنهم أجمعين
أنّ أسعد بن زرارة خرج بمصعب بن عمير يريد به دار بن عبد الأشهل ودار بني ظفر، فدخل به حائطا [أي: بستانا] من حوائط بني ظفر، على بئر يقال لها بئر مرق، فجلسا في الحائط، واجتمع إليهما رجال ممّن أسلم.
وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير يومئذ سيّدا قومهما من بني عبد الأشهل، وكلاهما مشرك على دين قومه، فلمّا سمعا به قال سعد بن معاذ لأسيد بن حضير:
لا أبا لك ! انطلِق إلى هذين الرّجلين اللّذين قد أتيا دارينا ليسفّها ضعفاءنا، فازجرهما وانههما عن أن يأتيا ديارنا، فإنّه لولا أنّ أسعد بن زرارة منّي حيث قد علمت كفيتك ذلك.
فأخذ أسيد بن حضير حَربته، ثمّ أقبل إليهما، فلمّا رآه أسعد ابن زرارة قال لمصعب بن عمير: هذا سيّد قومه، قد جاءك فاصدُقِ الله فيه. قال مصعب: إِنْ يَجْلِسْ أُكَلِّمْهُ ؟
فوقف أُسيدٌ عليهما متشتّما، فقال: ما جاء بكما إلينا تسفّهان ضعفاءنا ؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة !
فقال له مصعب: أَوَ تَجْلِسُ فَتَسْمَعَ، فَإِنْ رَضِيتَ أَمْرًا قَبِلْتَهُ، وَإِنْ كَرِهْتَهُ كُفَّ عَنْكَ مَا تَكْرَهُ ؟
قال: أنصفت.
ثمَّ ركز حَربته، وجلس إليهما، فكلّمه مصعب بالإسلام، وقرأ عليه القرآن، فقالا: وَاللهِ لَقَدْ عَرَفْنَا فِي وَجْهِهِ الإِسْلاَمَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، فِي إِشْرَاقِهِ وَتَسَهُّلِهِ.
ثمّ قال: ما أحسن هذا الكلام وأجمله ! كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدّين ؟
قالا له: تَغْتَسِلُ، فَتَطَّهَّرُ، وَتُطَهِّرُ ثَوْبَكَ، ثُمَّ تُصَلِّي.
فقام فاغتسل، وطهّر ثوبه، وتشهّد شهادة الحقّ، ثمّ قام فقال لهما: إنّ ورائي رجلا إن اتّبعكما لم يتخلّف عنه أحد من قومه ! وسأرسله إليكما الآن: سعدُ بن معاذ.
ثمّ أخذ حربته، وانصرف إلى سعدٍ وقومِه - وهم جلوس في ناديهم - فلمّا نظر إليه سعد بن معاذ مقبلا قال: أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الّذي ذهب به من عندكم.
فلمّا وقف على النّادي قال له سعد: ما فعلت ؟
قال: كلّمت الرّجلين، فوالله ما رأيت بهما بأسا، وقد نهيتهما فقالا: نفعل ما أحببت.
فقام سعد مغضَباً، فأخذ الحَربة من يده، ثمّ قال: والله ما أراك أغنيت شيئا.
ثمّ خرج إليهما، فأتاهم في لَأْمَتِه [ما يلبسه المحارب] ومعه الرّمح، حتّى وقف عليهم.
فقال أسعد بن زرارة لمصعب بن عمير رضي الله عنه: أي مصعب ! جاءك – والله - سيّد مِنْ وراءِه قومُه، إن يتّبعْك لا يتخلّف عنك منهم اثنان.
فقال سعد بن معاذ لأسعد بن زرارة: يا أبا أمامة ! أما والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا منّي، أتغشانا في ديارنا بما نكره ؟! - وفي رواية أبي نعيم -: عَلاَمَ تأتينا في دُورِنا بهذا الوحيد الفريد الطّريح الغريب يسفّه ضعفاءنا بالباطل، ويدعوكم إليه ؟
فقال له مصعب: أَوَتَقْعُدُ فَتَسْمَعَ ؟ فَإِنْ رَضِيتَ أَمْرًا وَرَغِبْتَ فِيهِ قَبِلْتَهُ، وَإِنْ كَرِهْتَهُ عَزَلْنَا عَنْكَ مَا تَكْرَهُ ؟
(وفي رواية أبي نعيم: يا ابن الخالة ! اسمع من قوله، فإن سمعت منكرا فاردده بأهدى منه، وإن سمعت حقّا فأجب إليه .(
قال سعد: أنصفت.
ثمّ ركز الحَربة وجلس، فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن، قالا: فعرفنا - والله - في وجهه الإسلام قبل أن يتكلّم لإشراقه وتسهّله.
وفي رواية أبي نعيم قال: فقرأ عليه مصعبٌ: فقام، وقال: ما أسمع إلاّ ما أعرف.
فرجع وقد هداه الله تعالى، ورجع إلى قومه بني عبد الأشهل وأظهر إسلامه، وقال: من شكّ فيه من صغير أو كبير أو أنثى أو ذكر، فلْيأتنا بأهدى منه نأخذ به، فوالله لقد جاء أمرٌ لتُحزّنّ فيه الرّقاب.
فأسلمت بنو عبد الأشهل عند إسلام سعد بن معاذ ودعائه، فكانت أوّل دُورٍ من دور الأنصار أسلمت جميعها !
قال عروة رحمه الله: فَجَعَلَ يَدْعُو النَّاسَ سِرًّا فَيَفْشُو الإِسْلاَمُ، وَيَكْثُرُ أَهْلُهُ.
ثمّ إنّ بني النجّار أخرجوا مصعب بن عمير، واشتدّوا على أسعد بن زرارة، فانتقل مصعب إلى سعد بن معاذ، فلم يزل عنده، ويهدي الله تعالى على يديه حتّى قلّ دارٌ من دور الأنصار إلاّ أسلم فيها ناس، وأسلم أشرافهم، وأسلم عمرو بن الجموح، وكسروا أصنامهم، وكان المسلمون أعزّ أهلها.
ثمّ رجع مصعب بن عمير إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكان يُدعى المُقرِئ.
عاد إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يُبشّره بأنّ يثرب قد ملِئت طرقها من حطام الأصنام، وأنّ أبواب أهلها مشرّعة لاستقباله واستقبال دعوته صلّى الله عليه وسلّم..
ومن وراء ذلك كانت بيعة العقبة الثّانية.(حسن بمجموع طرقه )
من كتاب صحيح السيرة النبوية للشيخ إبراهيم العلي ص 106-107
مقتل مصعب يوم أحد
وإدخار الأجر لمصعب يوم القيامة
عُدْنا خَبَّابًا، فقال : هاجَرْنا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم نُريدُ وجهَ اللهِ، فوقع أجرُنا على اللهِ، فمِنَّا مَن مَضَى لم يأخذْ من أجرِه شيئًا، منهم مُصْعَبُ ابنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يومَ أُحُدٍ، وتَرَك نَمِرَةً، فكنا إذا غَطَّيْنا بها رأسَه بَدَتْ رِجلاه، وإذا غَطَّيْنا رِجلَيْهِ بدا رأسُه، فأمرنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أن نُغَطِّيَ رأسَه، ونجعلَ على رِجْلَيْهِ شيئًا من إِذْخِرٍ، ومِنَّا من أَيْنَعَتْ له ثَمَرتُه فهو يَهْدِبُها .
الراوي:عبدالله بن مسعودالمحدث:البخاري - المصدر:صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم:3897خلاصة حكم المحدث: صحيح.
شهادة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بأن مصعب خير منه
أنَّ عبدَ الرحمنِ بنَ عوفٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ أُتِيَ بطعامٍ ، وكان صائمًا ، فقال : قُتِلَ مصعبُ بنُ عميرٍ ، وهو خيرٌ مِنِّي ، كُفِّنَ في بُرْدَةٍ : إن غُطِّيَ رأسُهُ بدتْ رجلاهُ ، وإن غُطِّيَ رجلاهُ بدا رأسُهُ . وأُرَاهُ قال : وقُتِلَ حمزةُ ، وهو خيرٌ مِنِّي ، ثم بُسِطَ لنا من الدنيا ما بُسِطَ ، أو قال : أُعْطِينا من الدنيا ما أُعْطِينَا ، وقد خشينا أن تكونَ حسناتنا عُجِّلَتْ لنا ، ثم جعل يبكي حتى تركَ الطعامَ .

الراوي : إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 1275 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] |


مناقب حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه



مناقب حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه
من كتاب الصحيح المسند في فضائل الصحابة
الكتاب  صــــ 183.


نسبه رضي الله عنه
حمزة بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. ، وعبد المطلب هو جد رسول الله محمدصلى الله عليه وسلم .

شجاعة حمــــزة رضي الله عنه  يوم بــدر
عن علي قال : تقدم يعني عتبة بن ربيعة وتبعه ابنه وأخوه فنادى من يبارز فانتدب له شباب من الأنصار فقال من أنتم فأخبروه فقال لا حاجة لنا فيكم إنما أردنا بني عمنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قم يا حمزة قم يا علي قم يا عبيدة بن الحارث فأقبل حمزة إلى عتبة وأقبلت إلى شيبة واختلف بين عبيدة والوليد ضربتان فأثخن كل واحد منهما صاحبه ثم ملنا على الوليد فقتلناه واحتملنا عبيدة
الراوي:علي بن أبي طالب - المحدث:الألباني - المصدر:صحيح أبي داود- الصفحة أو الرقم:2665 خلاصة حكم المحدث:صحيح.
حمزة ممن نزل فيهم قوله تعالى :
{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}
سمعتُ أبا ذرٍّ يُقْسِمُ قَسَمًا : أن هذه الإية : {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} . نَزَلَت في الذينَ بَرَزوا يومَ بدرٍ: حَمزَةَ وعلِيٍّ وعُبَيدَةَ بنِ الحارِثِ، وعُتبَةَ وشَيبَةَ ابنَي رَبيعَةَ والوَليدِ بنِ عُتبَةَ .
الراوي:أبو ذر الغفاريالمحدث:البخاري  -المصدر:صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم:3969خلاصة حكم المحدث: صحيح

شهــــادة عبــد الرحمن بن عوف لحمزة بأنه خيــر منه
أنَّ عبدَ الرحمنِ بنَ عوفٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ أُتِيَ بطعامٍ ، وكان صائمًا ، فقال : قُتِلَ مصعبُ بنُ عميرٍ ، وهو خيرٌ مِنِّي ، كُفِّنَ في بُرْدَةٍ : إن غُطِّيَ رأسُهُ بدتْ رجلاهُ ، وإن غُطِّيَ رجلاهُ بدا رأسُهُ . وأُرَاهُ قال : وقُتِلَ حمزةُ ، وهو خيرٌ مِنِّي ، ثم بُسِطَ لنا من الدنيا ما بُسِطَ ، أو قال : أُعْطِينا من الدنيا ما أُعْطِينَا ، وقد خشينا أن تكونَ حسناتنا عُجِّلَتْ لنا ، ثم جعل يبكي حتى تركَ الطعامَ .
الراوي:إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف المحدث:البخاري - المصدر:صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم:1275خلاصة حكم المحدث: صحيح

حمزة قتل شهيداً يوم أحد
عنِ ابنِ عباسٍ قال : لمَّا قُتِلَ حمزةُ يومَ أحدٍ أقبلت صفيةُ تطلبُهُ لا تدري ما صنع ، فلقيتْ عليًّا والزبيرَ ، فقال عليٌّ للزبيرِ : اذكر لأمك ، فقال الزبيرُ : لا ، بل أنت اذكر لعمَّتك ، قال فقالت : ما فعل حمزةُ ؟ فأرياها أنهما لا يدريانِ ، قال : فجاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال : إني أخاف على عقلها ، فوضع يدَهُ على صدرها ودعا لها ، قال : فاسترجعت وبكت ، قال : ثم جاء فقام عليهِ وقد مُثِّلَ بهِ ، فقال : لولا جزعُ النساءِ لتركتُهُ حتى يُحْشَرَ من بطونِ السباعِ ، وحواصلِ الطيرِ ، قال : ثم أمر بالقتلى فجعل يُصلِّي عليهم ، فيوضعُ تسعةٌ وحمزةُ فيُكبِّرُ عليهم سبعَ تكبيراتٍ ، ويُرفعون ويُتركُ حمزةُ ، ثم يُجاءُ بتسعةٍ فيُكبِّرُ عليهم سبعًا حتى فرغ منهم
الراوي : مقسم مولى ابن عباس | المحدث : البيهقي | المصدر : السنن الكبرى للبيهقي - الصفحة أو الرقم: 4/12 | خلاصة حكم المحدث :ذكر المؤلف هذا الحديث حسن لغيره صــ 190
حمزة سيد الشهداء
سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ ، ورجلٌ قام إلى إمامٍ جَائِرٍ فأمرَهُ ونَهاهُ ، فَقَتَلهُ
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب الصفحة أو الرقم: 2308 | خلاصة حكم المحدث : صحيح.

معنى كلمة سيد : السَّيِّدُ : الموْلَى ذو العبيد والخدمِ -السَّيِّدُ : كلُّ من افتُرِضَتْ طاعتهُ
كانَ سَيِّدَ الْمَلْعَبِ : اللاَّعِبَ الَّذِي اسْتَطاعَ أَنْ يَفْرِضَ نَفْسَهُ بِلَعِبِهِ .لسان العرب
كيف قُتــل حمــزة بن عبد المطلــب رضي الله عنه
عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري قال خرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار، فلما قدمنا حمص، قال لي عبيد الله بن عدي : هل لك في وحشي، نسأله عن قتله حمزة ؟ قُلْت : نعم، وكان وحشي يسكن حمص، فسألنا عنه، فقيل لنا : هو ذاك في ظل قصره، كأنه حميت، قال : فجئنا حتى وقفنا عليه يسيرا، فسلمنا فرد السلام، قال : عبيد الله معتجر بعمامته، ما يرى وحشي إلا عينيه ورجلٌيه . فقال عبيد الله : يا وحشي أتعرفني ؟ قال : فنظر إليه ثم قال : لا والله، إلا أني أعلم أن عدي بن الخيار تزوج امرأة يقال لها أم قتال بنت أبي العيص، فولدت له غلاما بمكة، فكنتُ أسترضع له، فحملت ذلك الغلام مع أمه فناولتها إياه، فلكأني نظرت إلى قدميك، قال : فكشف عبيد الله عن وجهه ثم قال : ألا تخبرنا بقتل حمزة ؟ قال : نعم، إن حمزة قتل طعيمة بن عدي بن الخيار ببدر، فقال لي مولاي جبير بن مطعم : إن قتلت حمزة بعمي فأنت حر، قال : فلما أن خرج الناس عام عينين، وعينين جبل بحيال أُحُدٍ، بينه وبينه واد، خرجت مع الناس إلى القتال، فلما أن اصطفوا للقتال، خرج سباع فقال : هل من مبارز، قال : فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب، فقال : يا سباع، با ابن أم أنمار مقطعة البظور، أتحاد الله ورسوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ؟ قال : ثم أشد عليه، فكان كأمس الذاهب، قال وكمنت لحمزة تحت صخرة، فلما دنا مني رميته بحربتي، فأضعها في ثنته حتى خرجت من بين وركيه، قال : فكان ذاك العهد به، فلما رجع الناس رجعت معهم، فأقمت بمكة حتى فشا فيها الإسلام، ثم خرجت إلى الطائف، فأرسلوا إلى رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رسولا، فقيل لي : إنه لا يهيج الرسل، قال : فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلما رآني قال : ( آنت وحشي ) . قُلْت : نعم، قال : ( أنت قتلت حمزة ) . قُلْت : قد كان من الأمر ما بلغك، قال : ( فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني ) . قال : فخرجت، فلما قبض رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فخرج مسيلمة الكذاب، قُلْت لأخرجن إلى مسيلمة، لعلي أقتله فأكافئ به حمزة، قال : فخرجت مع الناس، فكان من أمره ما كان، قال : فإذا رجلٌ قائم في ثلمة جدار، كأنه جمل أورق، ثائر الرأس، قال : فرميته بحربتي، فأضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه، قال : ووثب إليه رجلٌ من الأنصار فضربه بالسيف على هامته . قال : قال عبد الله بن الفضل : فأخبرني سليمان بن يسار : أنه سمع عبد الله ابن عمر يقول : فقالتْ جارية على ظهر بيت، وا أمير المؤمنين، قتله العبد الأسود .

الراوي : وحشي بن حرب | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري برقم: 4072 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
شرح الحديث
في هذا الحديثِ يُخبِر وَحْشِيٌّ عن قَتْلِه لِحَمْزَةَ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ رضِي اللهُ عنه لَمَّا سألَه عن ذلك جَعْفَرُ بنُ عَمْرٍو وعُبَيْدُ الله بنُ عَدِيٍّ عندما سافَرَا إلى حِمْصَ، وكان وَحْشِيٌّ يَسكُن هناك، فوَجَدوه جالسًا في ظِلِّ قَصْرِه، كأنه «حَمِيتٌ»، أي: رَجُل سَمِين، وكان عُبَيْدُ الله بنُ عَدِيٍّ «مُعْتَجِرًا بعِمَامَتِه»، أي: يَلُفُّ عِمامتَه على رأسِه دون أن يُدِيرَها مِن تَحْتِ حَنَكِه، وكان وَحْشِيٌّ لا يَرَى منه إلَّا عينَيْه، فقال له عُبَيْدُ الله: أَتَعْرِفُنِي؟ فقال وَحْشِيٌّ: «لا واللهِ، إلَّا أنِّي أعلمُ أنَّ عَدِيَّ بنَ الخِيَارِ» وهو أبو عُبَيْدِ الله «تزوَّج امرأةً يُقال لها: أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ أَبِي العِيصِ، فوَلَدت له غُلامًا بِمَكَّةَ، فكُنْتُ أَسْتَرْضِعُ له»، أي: كنتُ أَطلُب له مَن يُرضِعُه، «فحَمَلْتُ ذلك الغُلامَ» وهو عُبَيْدُ الله بنُ عَدِيٍّ «مع أُمِّه فنَاوَلْتُها إيَّاه، فلَكَأَنِّي نَظَرْتُ إلى قَدَمَيْكَ» يعني: أنَّه شَبَّه قَدَمَيْه بقَدَمَيِ الغُلامِ الذي حَمَله، فكان هو، وعند ذلك كَشَف عُبَيْدُ الله بنُ عَدِيٍّ عن وجهِه، وسأله عن قتْل ِحَمْزَةَ رضِي اللهُ عنه، فقَصَّ له وَحْشِيٌّ القصةَ، وأنَّ حَمْزَةَ رضِي اللهُ عنه كان قد قَتَل طُعَيْمَةَ بنَ عَدِيٍّ يومَ بَدْرٍ، فقال سَيِّدُ وَحْشِيٍّ- وهو جُبَيْرُ بنُ مُطْعِمِ بنِ عَدِيٍّ- لِوَحْشِيٍّ: إنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ فأنتَ حُرٌّ، فلمَّا خَرَج المشرِكون يومَ أُحِدٍ عامَ عَيْنَيْنِ- وعَيْنينِ هو جَبَلٌ بِحِيَالِ أُحُدٍ، أي: مِن ناحيتِه- خَرَج وَحْشِيٌّ مع المشرِكين، فلمَّا اصْطَفَّ المسلِمون والمشرِكون للقِتال، خَرَج سِبَاعٌ- وهو رجلٌ مِن المشركين- وطَلَب المبارَزَةَ، فخَرَج له حَمْزَةُ رضِي اللهُ عنه، وقال له: يا سِبَاعُ، يا بْنَ أُمِّ أَنْمَارٍ مُقَطِّعَةِ البُظُورِ، وكانت أُمُّه أُمُّ أَنْمَارٍ تَختِن النِّساءَ، والبَظْرُ هو اللَّحْمَةُ التي تُقطَع مِن فَرْج المرأةِ في الخِتَانِ، وقال له حَمْزَةُ رضِي اللهُ عنه مُستنكِرًا: أَتُحَادُّ اللهَ ورَسُولَه؟! أي: أَتُعَادِي اللهَ ورسولَه؟! صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثُمَّ شَدَّ عليه حَمْزَةُ رضِي اللهُ عنه فقَتَله، فكان كأَمْسِ الذَّاهِبِ، أي: كان كالعَدَمِ، ثُمَّ قال وَحْشِيٌّ: وكَمَنْتُ- أي اخْتَبَأْتُ- لِحَمْزَةَ رضِي اللهُ عنه تَحْتَ صَخْرَةٍ، فلمَّا اقترَب منه حَمْزَةُ رَمَاه بِحَرْبَتِه، فوَقَعت الحَرْبَةُ في ثُنَّتِه، أي: في العَانَةِ، أو ما بَينَ السُّرَّةِ والعانةِ، فخَرَجت بين وَرِكَيْه، ثُمَّ خَرَج وَحْشِيٌّ بعد فَتْح مَكَّةَ وانْتِشَارِ الإسلامِ إلى الطَّائِفِ هربًا مِن المسلِمين، فلمَّا أراد أهلُ الطَّائِفِ أن يُرْسِلُوا إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رسولًا، قال بعضُ الناسِ لِوَحْشِيٍّ: إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا يَهِيجُ الرُّسُلَ، أي: لا يُصِيبُ الرُّسلَ عنده مكروهٌ، فاذْهَبْ معهم إليه؛ فإنَّ محمدًا لا يأتِيه أحدٌ بشهادةِ الحقِّ إلَّا خلَّى عنه، فذَهَب وَحْشِيٌّ مع وَفْدِ الطَّائفِ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وشَهِدَ بين يَدَيهِ بشَهادةِ الحقِّ وأسلَمَ، فلمَّا رآهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعلم أنَّه وَحْشِيٌّ قاتِلُ حَمْزَةَ رضِي اللهُ عنه، قال له: هل تَسْتَطِيع أنْ تُغَيِّبَ وجهَك عنِّي؟ فكان وحشيٌّ يتَّقي أنْ يَراهُ، فما رَآه حتى ماتَ، فلمَّا مات النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وادَّعَى مُسَيْلِمَةُ الكذَّابُ النُّبوَّةَ، وأرسل أبو بَكْرٍ رضِي اللهُ عنه الجيوشَ لقتلِه، خَرَج معهم وَحْشِيٌّ وقال لنَفْسِه: لَأَخْرُجَنَّ إلى مُسَيْلِمَةَ لَعَلِّي أَقتُلُه، فأُكَافِئَ به حَمْزَةَ رضِي اللهُ عنه، أي: يكونُ قَتْلُ مُسَيْلِمَةَ مُكَفِّرًا لِقَتْلِ حَمْزَةَ رضِي اللهُ عنه؛ لأنَّ مُسَيْلِمَةَ كان شرَّ الناس، وكان حَمْزَةُ رضِي اللهُ عنه مِن خَيْرِ أصحابِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فرآه وَحْشِيٌّ وَاقِفًا في ثَلْمَةِ جِدَارٍ، أي: في فتحةٍ كانت بجدار، كأنَّه جَمَلٌ أَوْرَقُ- أي أَسْمَرُ- ثَائِرَ الرأسِ، أي: شَعْرُه مُنتشِر، فضَرَبه وَحْشِيٌّ بالحَرْبَةِ فوَقَعتْ في صدرِه، وخَرَجتْ مِن بينِ كَتِفَيْهِ، فوَثَب إليه رجلٌ مِن الأنصارِ بعدَ إصابتِه فضَرَبه بالسَّيفِ على هَامَتِه، أي: على رأسِه، فرَأَتْه جاريةٌ على ظهرِ بيتٍ، فقالت تَنْدُبُه: وَا أَمِيرَ المؤمِنينَ! قَتَلَه العبدُ الأَسْوَدُ، وقد كان مُسَيْلِمَةُ الكذَّاب يُسمَّى تارةً بالنبيِّ، وتارةً بأميرِ المؤمِنين، وسَمَّتِ الجاريةُ أتْباعَه بالمؤمنين؛ لأنَّهم آمَنُوا بادِّعائِه النبوَّةَ.
وفي الحديثِ: أنَّ الإسلامَ يَهدِمُ ما قَبْلَه.
وفيه: ما كانَ عليه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن الرِّفق.