الثلاثاء، 18 أكتوبر 2016

عمر المحدث 3




مناقب عمر رضي الله عنه3

عمر المحدث

‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال ‏:- إنَّه كان قد كان فيما مضى قبلَكم من الأممِ مُحدَّثونَ ، وإنَّه إن كان في أمَّتي هذه منهم فإنَّه عمرُ بنُ الخطَّابِ

الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3469 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].


يَصطَفي اللهُ سُبحانه وتَعالى مِن خَلقِه مَن يشاءُ؛ ليَقذِفَ في قلبِه من أَنوارِ النُّبوَّةِ والهُدى ويَفيضُ عليه منَ العَملِ والإلهامِ ما يَشاءُ سُبحانَه، وكان عُمرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه مِن هؤلاء الْمُحَدَّثِين، يَعني: منَ المُلهَمين الَّذين يَجري الصَّوابُ على أَلسنَتِهم أو يَخطُرُ ببالِهم الشَّيءُ فيَكونُ بفَضْلٍ منَ اللهِ تعالى وتَوفيقٍ، وقد وافَقَ عُمرُ رضِي اللهُ عنه الوَحيَ في حَوادثَ كَثيرةٍ، وفي هذا الحديثِ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ المحدِّثينَ المُلْهَمين مَوجودنَ في الأُمَمِ السَّابقةِ، ولو كان في هذه الأُمَّةِ أحدٌ منهم، فإنَّه عُمرُ بنُ الخطَّابِ.
وهؤلاءِ الْمُحَدَّثون- كما أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يُكلَّمون مِن غيرِ أن يَكونوا أنبياءَ، يعني: يُلهَمون إلى الرُّشدِ والصَّوابِ من غيرِ أن يُرسِلَ اللهُ إليهم وحيًا كالأنبياءِ.
الكتاب ص  70 .

وفي رواية
إنَّ اللَّهَ جعلَ الحقَّ على لسانِ عمرَ وقلبِهِ وقالَ ابنُ عمرَ: ما نزلَ بالنَّاسِ أمرٌ قطُّ فقالوا فيهِ وقالَ فيهِ عمرُ أو قالَ ابنُ الخطَّابِ فيهِ - شَكَّ خارجةُ - إلَّا نزلَ فيهِ القرآنُ على نحوِ ما قالَ عمرُ
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذيالصفحة أو الرقم: 3682 | خلاصة حكم المحدث : صحيح.


قوله : ( محدثون ) بفتح الدال جمع محدث ، واختلف في تأويله فقيل : ملهم . قاله الأكثر ، قالوا : المحدث بالفتح هو الرجل الصادق الظن ، وهو من ألقي في روعه شيء من قبل الملأ الأعلى فيكون كالذي حدثه غيره به ، وبهذا جزم أبو أحمد العسكري . وقيل : من يجري الصواب على لسانه من غير قصد .
صحيح البخاري » كتاب فضائل الصحابة » باب مناقب عمر بن الخطاب أبي حفص القرشي العدوي رضي الله عنه
وفي رواية الترمذي عن بعض أصحاب ابن عيينة " محدثون يعني مفهمون " وفي رواية الإسماعيلي " قال إبراهيم - يعني ابن سعد راويه - قوله : محدث أي يلقى في روعه " انتهى ، ويؤيده حديث إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر ، وأحمد من حديث أبي هريرة ، والطبراني من حديث بلال ، وأخرجه في " الأوسط " من حديث معاوية وفي حديث أبي ذر عند أحمد وأبي داود " يقول به " بدل قوله " وقلبه "


ثناء عليّ على عمر رضي الله عنهما

‏عن ‏ ‏ابن أبي مليكة ‏ ‏أنه سمع ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏يقول ‏وضعَ عُمَرُ علَى سَريرِهِ، فَتَكَنَّفَهُ الناسُ، يدْعونَ ويُصَلُّونَ قبلَ أنْ يُرْفَعَ، وأنا فيهِم، فلم يَرُعْني إلا رجلٌ آخِذٌ مَنْكِبي، فإذا علِيُّ بنُ أبي طالِبٍ فَتَرَحَّمَ علَى عُمَرَوقال : ما خَلَّفْتَ أحَدًا أحبَّ إليَّ أنْ ألقَى اللَّهَ بمِثْلِ عملِهِ منكَ، وايمُ اللَّهِ، إنْ كنتُ لأظُنُّ أنْ يجعلكَ اللَّهُ معَ صاحِبَيْكَ، وحَسِبْتُ: إني كنتُ كَثيرًا أسمعُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول : ( ذهبتُ أنا وأبو بكرٍ وعُمَرُ، ودخلتُ أنا وأبو بكرٍ وعُمَرُ، وخرجتُ أنا وأبو بكرٍ وعُمَرُ) .
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 3685 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

شرح الحديث

في هذا الحديثِ رَدٌّ على ضَلالِ الشِّيعةِ الرَّوافضِ الَّذين اختَلَقوا الأكاذيبَ وادَّعَوْا حُبَّ عليٍّ وآلِ البيتِ وبُغضَ عُمَرَ وأبي بَكرٍ وأصحابِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ بدَعْوى كُرْهِهم لآلِ البيتِ، وقدْ كَذَبوا وضَلُّوا، فقد كان أصحابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كالبُنيانِ المرصوصِ يَشُدُّ بعضُه بعضًا، ولو جَرى بينَهم مِثلُ ما جَرى بينَ البَشرِ.
وفي هذا الحديثِ بَيانُ ما كان عليه عليٌّ رضِي اللهُ عنه مِن حِفْظِ حقِّ عُمَرَ ومَعرِفَةِ فَضلِه، فإنَّه كما يَروِي ابنُ عبَّاسٍ رضِي اللهُ عنهما جاءَ وهو واقفٌ على عُمَرَ، وقد وُضِعَ على سَريرِه، أي: على نَعشِه فوَضَعَ مِرفَقَه على كَتِفِه، وقال: رَحِمك اللهُ؛ إنِّي كنتُ لأرجو أن يَجعَلَك اللهُ مع صاحِبيك، يعني: كُنتُ أَتوَقَّعُ أن تُدفَنَ مع صاحِبيك: النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأبي بَكرٍ رضِي اللهُ عنه؛ لأنِّي كثيرًا ممَّا كُنتُ أَسمعُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: «كنتُ وأبو بكرٍ وعُمَرُ، وفَعلتُ وأبو بكرٍ وعُمرُ، وانطلقتُ وأبو بكرٍ وعُمَرُ»، فإنِّي كُنتُ لأَرجو أنْ يَجعَلَك اللهُ معهما، يَعني: كُنتُ أظُنُّ ذلك لمُلازمتِك لهما في حَياتِهما.
فرَضِي اللهُ عن عُمَرَ وأبي بكرٍ وعليٍّ وآلِ البيتِ وسائرِ أصحابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، واللَّهمَّ اجَعَلْنا معهم في جنَّتِك بلُطفِك ورَحمَتِك يا أرحمَ الرَّاحمين.


هيبة عمر وفرار الشيطان منه رضي الله عنه 

‏استأذن عمرُ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وعنده نساءٌ من قريشٍ يكلمْنه ويستكثرْنه، عاليةً أصواتُهن، فلما استأذن عمرُ قُمنَ يبتدرْنَ الحجابَ، فأذن له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يضحكُ، فقال عمرُ : أضحك اللهُ سنَّك رسولَ اللهِ، قال : عجبتُ من هؤلاء اللاتي كنَّ عندي، فلما سمعْنَ صوتَك ابتدرْن الحجابَ . قال عمرُ : فأنت يا رسولَ اللهِ كنتَ أحقَّ أن يهَبنَ، ثم قال : أي عدواتِ أنفسِهنَّ، أتهبنني ولا تهبْنَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ؟ قلنَ : نعم، أنت أفظُّ وأغلظُ من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : والذي نفسي بيدِه، ما لقيك الشيطانُ قطُّ سالكًا فجًّا إلا سلك فجًّا غير فجِّك .
الراوي : سعد بن أبي وقاص | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 3294 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح].

كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَحلمَ النَّاسِ وأرفَقَهم بِأُمَّتِه، وفي هذا الحديثِ أنَّه كان عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نِساءٌ مِنْ قُريشٍ هنَّ مِن أزواجِه يُكلِّمنَه ويَستكثرْنَه، أي: يَطلُبْنَ زيادةً في النَّفقةِ، وكنَّ يُكلِّمنَه بأصواتٍ عاليةٍ، فاستأذنَ عمرُ بنُ الخطَّابِ رضِي اللهُ عنه في الدُّخولِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقامَ النِّسوةُ يَبتدرْنَ الحجَابَ، أي: يتَسارعْنَ إلى الاستتارِ عَن عُمرَ رضِي اللهُ عنه، فلمَّا رأى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِعلَهنَّ ضحِكَ، فقال له عُمرُ رضِي اللهُ عنه: أضحَكَ اللهُ سِنَّكَ يا رسولَ اللهِ، وهو دعاءٌ بِملازمةِ الضَّحكِ والسُّرورِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «عَجبْتُ مِن هؤلاءِ اللَّاتي كُنَّ عندي، فلمَّا سمعْنَ صوتَكَ ابتدَرْنَ الحِجابَ»، يعني: كُنَّ يرفعْنَ أصواتَهنَّ في الحديثِ معي، فلمَّا أتيتَ أنتَ سارَعوا إلى الاستتارِ؛ خشيةً منكَ، فقال عُمرُ رضِي اللهُ عنه: فأنتَ يا رسولَ اللهِ، كُنتَ أحقَّ أنْ يَهبْنَ، يعني: أوْلَى بأنْ يَخفْنَ مِنك، ثُمَّ قال: أَيْ عَدُوَّاتِ أنفُسِهنَّ، أتهبْنَني ولا تَهبْنَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟! قُلنَ: نعم، أنتَ أفظُّ وأغلَظُ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حليمًا رؤوفًا بهنَّ وبعامَّةِ الأمَّة، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: والَّذي نفْسِي بيدِه ما لَقيَك الشَّيطانُ قطُّ سالكًا فجًّا إلَّا سلَكَ فجًّا غيرَ فجِّكَ»، يعني: أنَّ الشَّيطانَ كان يَهرُبُ مِنَ الطَّريقِ الَّذي يسلُكُه عُمرُ بنُ الخطابِ رضِي اللهُ عنه؛ خوفًا منه، أو يكونُ المعنى: أنَّ عُمرَ رضِي اللهُ عنه فَارقَ سَبيلَ الشَّيطانِ وسَلكَ طريقَ السَّدادِ، فخالَفَ كلَّ ما يُحبُّه الشَّيطانُ.

يتبع إن شاء الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق