الأحد، 16 أكتوبر 2016

تابع مناقب الصديق رضي الله عنه 8




تابع مناقب الصديق رضي الله عنه 8

تكريم النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه

إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لم يكن شابَ إلا يسيرًا ولكنَّ أبا بكرٍ وعمرَ بعده خضَبا بالحِنَّاءِ والكَتَمِ قال وجاء أبو بكرٍ بأبيه أبي قُحافةَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومَ فتحِ مكةَ يحملُه حتى وضعَه بين يدي رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لأبي بكرٍ : لو أقررتَ الشَّيخَ ( يعني : أبا قُحافةَ ) لَأتيناهُ مَكرَمةً لأبي بكرٍ قاله لأبي بكرٍ فأسلمَ ولِحيتُه ورأسُه كالثُّغامة * بياضًا فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ غيِّروهما وجنِّبوهُ السَّوادَ .

الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة -
الصفحة أو الرقم: 1/895 - خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم.
* الثَّغَامَةُ : شجرةٌ بيضاءُ الثَّمَرِ والزهرِ ، تنْبُتُ في قُنَّةِ الجبل ، وإذا يَبِسَتِ اشتدَّ بَيَاضُها . والجمع : ثَغَامٌ .(المعجم: المعجم الوسيط) .

 بركة آل أبي بكر
خرجنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء، أو بذات الجيش، انقطع عقد لي، فأقام رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فأتى الناس أبا بكر، فقالوا : ألا ترى ما صنعت عائشة، أقامت برسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وبالناس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء ؟ فجاء أبو بكر ورسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال : حبست رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم والناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، قالتْ : فعاتبني، وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على فخذي، فنام رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتى أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم فتيمموا، فقال أسيد بن الحضير : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، فقالتْ : عائشة : فبعثنا البعير الذي كنتُ عليه، فوجدنا العقد تحته .
الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: البخاري - المصدر:
صحيح البخاري -
الصفحة أو الرقم: - 3672خلاصة حكم المحدث: صحيح.

شرح الحديث
قوله : ( عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره ) فيه جواز مسافرة الزوج بزوجته الحرة.
قولها : ( حتى إذا كان بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على التماسه وأقام الناس معه وليس معهم ماء وليسوا على ماء ) وفي الرواية الأخرى ( عن عائشة أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت ) أما ( البيداء ) فبفتح الباء الموحدة في أولها وبالمد ، وأما ( ذات الجيش ) فبفتح الجيم وإسكان الياء وبالشين المعجمة ، والبيداء وذات الجيش موضعان بين المدينة

وخيبر ، وأما ( العقد ) فهو بكسر العين وهو كل ما يعقد ويعلق في العنق فيسمى عقدا وقلادة ، وأما قولها ( عقد لي ) وفي الرواية الأخرى استعارت من أسماء قلادة فلا مخالفة بينهما فهو في الحقيقة ملك لأسماء وأضافته في الرواية إلى نفسها لكونه في يدها ، وقولها : ( فهلكت ) معناه ضاعت ، وفي هذا الفصل من الحديث فوائد منها جواز العارية ، وجواز عارية الحلي ، وجواز المسافرة بالعارية إذا كان بإذن المعير ، وجواز اتخاذ النساء القلائد . وفيه الاعتناء بحفظ حقوق المسلمين وأموالهم وإن قلت ، ولهذا أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - على التماسه ، وجواز الإقامة في موضع لا ماء فيه وإن احتاج إلى التيمم ، وفيه غير ذلك . والله أعلم .
قولها : ( فعاتبني أبو بكر رضي الله عنه ، وقال ما شاء الله أن يقول ، وجعل يطعن بيده في خاصرتي ) في تأديب الرجل ولده بالقول والفعل والضرب ونحوه ، وفيه تأديب الرجل ابنته وإن كانت كبيرة مزوجة خارجة عن بيته . وقولها : ( يطعن ) هو بضم العين وحكي فتحها ، وفي الطعن في المعاني عكسه .
[ ص: 47 ] قوله : ( فقال أسيد بن حضير ) هو بضم الهمزة وفتح السين وحضير بضم الحاء المهملة وفتح الضاد المعجمة ، وهذا وإن كان ظاهرا فلا يضر بيانه لمن لا يعرفه .
قولها : ( فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته ) كذا وقع هنا وفي رواية البخاري فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا فوجدها وفي رواية : رجلين وفي رواية : ناسا وهي قضية واحدة . قال العلماء : المبعوث هو أسيد بن حضير وأتباع له فذهبوا فلم يجدوا شيئا ، ثم وجدها أسيد بعد رجوعه تحت البعير . والله أعلم .


 تابع بركة آل أبي بكر رضي الله عنه

أنَّ أصحابَ الصُّفة كانوا أناسًا فقراءَ، وأن النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال مرة :     ( من كان عنده طعامُ اثنين فليذهب بثالثٍ، ومن كان عنده طعامُ أربعةٍ فلْيذهبْ بخامسٍ أو سادسٍ ) . أو كما قال : وأن أبا بكرٍ جاء بثلاثةٍ، وانطلق النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بعشرةٍ، وأبو بكرٍ بثلاثةٍ، قال : فهو أنا وأبي وأمي، ولا أدري هل قال : امرأتي وخادمي، بين بيتنا وبين بيتِ أبي بكر، وأن أبا بكر تعشَّى عند النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ثم لبث حتى صلى العشاءَ، ثم رجع فلبث حتى تعشى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فجاء بعد ما أمضى من الليل ما شاء اللهُ، قالت له امرأتُه : ما حبسك عن أضيافك أو ضيفِك ؟ قال : أو ما عشَّيتِهم ؟ قالت : أبَوا حتى تجيءَ، قد عرضوا عليهم فغلبوهم، فذهبتُ فاختبأتُ، فقال : يا غُنثرُ، فجدَّع وسبَّ، وقال : كلوا، وقال : لا أطعمه أبدًا، قال : وايمُ اللهِ، ما كنا نأخذ من اللقمةِ إلا ربا من أسفلها أكثرُ منها حتى شبعوا، وصارت أكثرَ مما كانت قبل، فنظر أبو بكرٍ : فإذا شيءٌ أو أكثرُ، قال لامرأته : يا أختَ بني فراسٍ، قالت : لا وقرةِ عيني، لهي الآن أكثرُ مما قبل بثلاث مراتٍ . فأكل منها أبو بكر وقال : إنما كان الشيطانُ، يعني يمينه، ثم أكل منها لقمةً، ثم حملها إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فأصبحت عنده، وكان بيننا وبين قومٍ عهدٌ، فمضى الأجلُ فتفرقنا اثنا عشر رجلًا، مع كل منهم أناسٌ، الله أعلمُ كم مع كل رجلٍ، غير أنه بعث معهم، قال : أكلوا منها أجمعون . أو كما قال .

الراوي: عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 3581 - خلاصة حكم المحدث: صحيح

شرح الحديث
قال ابن حجر- رحمه الله
)الصفة ( مكان في مؤخر المسجد النبوي مظلل أعد لنزول الغرباء فيه ممن لامأوى له ولا أهل ، وكانوا يكثرون فيه ويقلون بحسب من يتزوج منهم أو يموت أو يسافر.( من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث ) أي من أهل الصفة المذكورين . وقال القرطبي : ويؤيده قوله في الحديث(طعام الاثنين يكفي أربعة) أي القدر الذي يشبع الاثنين يسد رمق أربعة .(ومن كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس ، بسادس ، أو كما قال ) أي فليذهب بخامس إن لم يكن عنده ما يقتضي أكثر من ذلك ، وإلا فليذهب بسادس مع الخامس إن كان عنده أكثر من ذلك . والحكمة في كونه يزيد كل أحد واحدا فقط أن عيشهم في ذلك الوقت لم يكن متسعا ، فمن كان عنده مثلا ثلاثة أنفس لا يضيق عليه أن يطعم الرابع من قوتهم ، وكذلك الأربعة وما فوقها ، بخلاف ما لو زيدت الأضياف بعدد العيال فإنما ذلك يحصل الاكتفاء فيه عند اتساع الحال .(وإن أبا بكر جاء بثلاثة وانطلق النبي صلى الله عليه وسلم بعشرة) عبر عن أبي بكر بلفظ المجيء لبعد منزله من المسجد ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم بالانطلاق لقربه . ودل ذلك على أن أبا بكر كان عنده طعام أربعة ومع ذلك فأخذ خامسا وسادسا وسابعا فكأن الحكمة في أخذه واحدا زائدا عما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أراد أن يؤثر السابع بنصيبه إذ ظهر له أنه لم يأكل أولا معهم .( قال: فهو أنا وأبي وأمي ) القائل هو عبد الرحمن بن أبي بكر ، " فهو " أي الشأن ، وقوله : " أنا " مبتدأ وخبره محذوف يدل عليه السياق وتقديره في الدار .(ولا أدري هل قال امرأتي ) والقائل " هل قال " هو أبو ثمان الراوي عن عبد الرحمن كأنه شك في ذلك.( بين بيتنا ) أي خدمتها مشتركة بين بيتنا وبيت أبي بكر ، وهو ظرف للخادم ، وأم عبد الرحمن هي أم رومان مشهورة بكنيتها.
( وإن أبا بكر تعشى عند النبي صلى الله عليه وسلم ثم لبث حتى صلى العشاء ثم رجع ) وفائدته الإشارة إلى أن تأخره عند النبي صلى الله عليه وسلم كان بمقدار أن تعشى معه وصلى العشاء وما رجع إلى منزله إلا بعد أن مضى من الليل قطعة ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب أن يؤخر صلاة العشاء. ووقع في رواية مسلم " فلبث حتى نعس" والحاصل أنه تأخر عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى صلى العشاء ثم تأخر حتى نعس النبي صلى الله عليه وسلم وقام لينام فرجع أبو بكر حينئذ إلى بيته.


ونحوه يأتي في الأدب [أي من صحيح البخاري] بلفظ " أن أبا بكر تضيف رهطا ، فقال لعبد الرحمن : دونك أضيافك ، فإني منطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فافرغ من قراهم قبل أن أجيء " وهذا يدل على أن أبا بكر أحضرهم إلى منزله وأمر أهله أن يضيفوهم ورجع هو إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
( قد عرضوا عليهم )أي الخدم أو الأهل أو نحو ذلك.( فغلبوهم ) أي إن آل أبي بكر عرضوا على الأضياف العشاء فأبوا فعالجوهم فامتنعوا حتى غلبوهم . وفي رواية" فانطلق عبد الرحمن فأتاهم بما عنده فقال : اطعموا ، قالوا : أين رب منزلنا ؟ قال : اطعموا . قالوا : ما نحن بآكلين حتى يجيء . قال : اقبلوا عنا قراكم ، فإنه إن جاء ولم تطعموا لألقين منه - أي شرا - فأبوا "( قال: فذهبتُ فاختبأت ) أي خوفا من خصام أبي بكر له وتغيظه عليه . وفي رواية " فعرفت أنه يجد علي " أي يغضب. " فلما جاء تغيبت عنه". فقال : يا عبد الرحمن ، فسكت . ثم قال : يا عبد الرحمن ، فسكت " .
(فقال : يا غنثر فجدع وسب ) في رواية"فقال : يا غنثر أقسمت عليك إن كنت تسمع صوتي لما جئت ، قال فخرجت فقلت والله ما لي ذنب ، هؤلاء أضيافك فسلهم. قالوا: صدقك قد أتانا" .(فجدع وسب) أي دعا عليه بالجدع وهو قطع الأذن أو الأنف أو الشفة ، وقيل : المراد به السب ، والأول أصح .وفي رواية " فجزع " نسبه إلى الجزع وهو الخوف ، وقيل : المجازعة المخاصمة فالمعنى خاصم .
وقال القرطبي : ظن أبو بكر أن عبد الرحمن فرط في حق الأضياف ، فلما تبين له الحال أدبهم بقوله كلوا لا هنيئا.و(سب) أي شتم) .غنثر) معناه الذباب ، وإنه سمي بذلك لصوته فشبهه به حيث أراد تحقيره وتصغيره . وقيل:الثقيل الوخم وقيل: الجاهل وقيل: السفيه وقيل اللئيم.
المصدر
هنـــا

يتبع
إن شاء الله



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق